دعوة للمصارحة : أسباب ضعف العمل الدعوي
الأربعاء 24 صفر 1425هـ -
14 أبريل 2004م
إن
مما يفرح إقبال فئات المجتمع، وخاصة الشباب على التمسك بكتاب الله، وسنة النبي
عليه الصلاة والسلام، وهذه الأفواج تتلمس من المربين الرعاية والتوجيه، وبذل
الأوقات والأعمال حتى تستقيم حق الاستقامة، وتثبت على هذا الطريق إلى أن تلقى
الله، منضبطة بقواعد الشرع، ونهج من سلف، الحكمة سبيلها والكتاب والسنة دليلها،
والسلف الصالح قدوتها.
فهي
أمانة في الأعناق، لا توضع بأيدٍ لا تتقن فن التربية والتوجيه فيُنشئوا جيلاً
هزيلاً، صورته ضياء وباطنه خواء، فلا قرآن يُحفظ، ولا دروس للعلم تُحضر، ولا كتب
تُقرأ، ولا همٌّ للدعوة يُحمل، فأين تربية الأجيال على سِيَر أؤلئك الرجال:{...رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ...[23]}[سورة
الأحزاب].
وبعد
هذا نتساءل لماذا هذا الضعف؟ فلنقف على إشارات سريعة وصريحة حول أسباب ضعف العمل
الدعوي، وضعف آثاره من قِبل الدعاة والمدعوِّين، أردت بها التذكير لمن غفل عنها،
أو جهلها، أو قصَّر فيها:
أولاً:
من جهة الملقي:
1-
مجانبة الإخلاص في هداية المتلقي بوحي الله، أو عدم استحضاره بسبب الانشغال بالعمل
وزحمته .
2-
صدور الكلام نياحة من قلب غير متأثر.
3-
نسيان الدعاء بالقبول، وصدق اللجوء إلى الله في ذلك.
4-
عدم الإعداد المسبق الجاد المتمثل في ضعف المادة العلمية.
5-
عدم احترام العقول، وجهل أو تجاهل مستوى المتلقي- ومما أورث السآمة أن أكثر ما
يسمعونه أقل أهمية مما ينبغي أن يسمعوه ] .
6-
عدم التجديد والتنويع .
7-
الطول الممل والقِصر المخل .
8-
التكرار الممل، والركام الهائل مما هو مكرر في مكتباتنا من كتب وأشرطة، ومطويات
سواء اتفقت العناوين، أو اختلفت .
9-
ضعف الإلقاء والأسلوب .
10-
الاستعلاء على السامعين .
11-
عدم اختيار الوقت والمكان المناسبين لطرح مالديه .
12-
كثرة استخدام الألفاظ الغريبة .
13-
عدم اختيار الموضوع المناسب .
14-
عدم التفاعل من المتكلم مع ما يقول، وانعدام العاطفة الجياشة الآسرة .
15-
التركيز على بعض المتلقين دون غيرهم .
16-
إهمال المتلقي، فلا حوار، ولا سؤال، وهذا في الدروس العلمية واللقاءات الخاصة،
وأما المحاضرات فليس مناسباً .
17-
الخروج عن الدرس، وعدم التركيز .
18-
عدم استخدام الشعر، فهو يهز الوجدان ويحرك المشاعر..[إِنَّ مِنْ الشِّعْرِ
حِكْمَةً]رواه البخاري .
19-
إهمال العنونة للمواضيع، وعدم اختيار العناوين المناسبة .
20-
ترك ضبط المستمعين .
21-
الكلام في غير التخصص بما لا يعلمه، أو يجيده، فإن كان ولابد فعند الضرورة مع
تعلمه، والرجوع إلى أهل التخصص .
22-
عدم الواقعية، والبعد عن واقع المتلقين وتارة يكون الموضوع ولغة التخاطب أكبر من
المستمعين أو أقل منهم .
23-
التصريح بما حقه التلميح .
24-
التصدر قبل النضوج .
25-
عدم حصر الدرس في نقاط محددة .
26-
خدش الهيئة والسمت والوقار بما لا يليق [ضعف القدوة] .
27-
ضعف فراسة المتكلم في فهم مداخل النفوس، وطريق التأثير عليها .
28-
إغفال آراء الآخرين، وعدم استشارتهم في الموضوع وعناصره .
29-
إغفال جانب القصص الصحيح والمؤثر .
30-
عدم التنويع في الملقين .
31-
عدم الاهتمام بالجوانب الشكلية والإخراج فيما يحتاج فيه إلى ذلك .
32-
تضييع العمر في طلب الإجماع على مسائل لا تقبل بطبعها وحدة الرؤية .
33-
عدم استغلال الفرص المناسبة للتذكير عند وقوع المصائب والحوادث والمناسبات .
34
- أصبح الكتاب والشريط عند البعض باباً من أبواب الرزق والتجارة، فذهبت البركة مع
الإخلاص، وضعف انتشاره.
35-
كثرة التقطع في الدروس العلمية، والتوسع في شرحها، والمؤدي إلى طول الوقت، وملل
الشيخ والطلاب، والتوقف وعدم الاستمرار .
36-
الارتباط بين الشيخ والطلاب لا يتجاوز الحلقة .
37-
عدم ربط الطلاب أثناء الدرس بأعمال القلوب، وتخولهم بالموعظة .
38-
قلَّّ الاهتمام والعناية بركيزة الوعظ والتذكير، وهي ركيزة تربوية مؤثرة ومفيدة
يحتاجها الجميع-الجاهل والعالم والمتعلم- وللأسف نجد من يزهد في شريط ومحاضرة
وعظية، حينها تعطلت الطاقات الإيمانية، وأصبح علم أعمال القلوب والوعظ من العلم
المفقود وعلم الفضلة.
حلاوة
المعاناة:
لا
يفيد الإنسان ولا يبرع في فن من الفنون حتى يذوق المعاناة، يحترق بنار الجهد
والدأب؛ ليكون عطاؤه نابعاً من قلبه ووجدانه .. عشرات الكلمات والخطب والدروس
والمؤلفات والبرامج والمخيمات جثث هامدة، لا روح فيها؛ لأنها قدمت بلا تعب و
معاناة، فخسرت قيمتها وتأثيرها ووقعها.
إن
الإكثار شيء والجودة شيء آخر، فعلى الباردين في عواطفهم وإعدادهم أن يعيشوا معاناة
ما يحملون، وهمَّ ما يريدون حتى يصلوا إلى ما يريدون، ولن يضيع الله أجر من أحسن
عملاً، فبقدر ما تتعنى تنال ما تتمنى، وابتناء المناقب باحتمال المتاعب والأجر على
قدر المشقة .
ثانياً:
من جهة المتلقي:
1-
الكبر والغرور التعالي المتمثل في:
أ
- احتقار المتكلم .
ب-
شعوره بأنه لا جديد يُذكر .
ج
- اعتقاده بأن المخاطب بالدرس غيره .
د
- عدم الشعور بحاجته إلى الموضوع .
2-
التحزب حائل .
3-
عدم الاهتمام بإصلاح النفس، والترقي بها، والرضا بالدون .
4-
عدم الحرص على الفائدة، وعدم تقييد الفوائد .
5-
اليأس المخيم على نفسه، ومن حالته التي يعيشها، والاستسلام لها.
6-
السمعة السيئة للمتكلم عند السامع .
7-
الفهم الخاطئ .
8-
شرود الذهن، وتشعبه في أودية الدنيا .
9-
عدم التهيؤ للدرس .
10-
الآثام والذنوب .
11-
الانشغال بتتبع السقطات لغوية وغيرها .
12-
الاهتمام بالمتكلم وشهرته دون الفكرة والموضوع .
13-
عدم استشعار فضل ما هو فيه .
14-
تدني مستوى المتلقي في الذوق والوجدان .
15-
تدني مستوى المتلقي في فهم العربية .
16-
عدم احترام آراء المتلقي ووجهات نظره .
17-
المداخلات أثناء ما يطرح سواء كانت حسية، أو معنوية كالطعام والشراب، والدخول
والخروج، والأسئلة وغيرها .
18-
فساد البيئة في البيت والمدرسة والحي والأقارب، وعدم وجود الصاحب الصالح المعين.
ثالثاً:
الأسباب العامة:
وتتعلق
بالمراكز الدعوية، والمؤسسات الخيرية، والمحاضن التربوية، وغيرها على المستوى
الجماعي والفردي:
1-
الإعلان المتأخر عما يراد طرحه، أو عدم انتشاره، أو إخراجه بطريقة بدائية لا تجديد
فيها .
2-
عدم تهيئة الجو المناسب من حيث البرودة والتدفئة .
3-
ضيق المكان وعدم معرفته وعدم وضع رسم بياني يوضحه .
4-
ضعف أجهزة الصوت وعدم تفقدها قبل الاستخدام .
5-
الإطالة في التقديم للملقي، أو ما يراد طرحه .
6-
عدم ذكر ضوابط لما يراد طرحه والشرح المبسط لكيفية القيام به .
7-
الفوضوية بكل معانيها وصورها: من برامج، وأساليب دعوية، ورحلات ودروس، وانتقاء
لأفراد المحضن التربوي .
8-
ضعف التنظيم والإدارة، وعدم التركيز والدقة في الأعمال .
9-
الازدواجية والجماهيرية في العمل من أسباب الفشل مما يؤدي إلى عدم التوفيق بينها،
والإتقان فيها وتزاحمها وقلة الإنتاج ولها صور:
منها:العمل في أكثر من مركز ومؤسسة
دعوية، أو علمية، أو مجموعة، أو لقاء سواءً مسؤولاً أو عضواً، فيكون مشتت الذهن،
والأفكار مع وجود كثير من الطاقات والعقليات المغمورة داخل الجامعات والمدارس وغيرها
لم يُبحث عنها، ولم تُوجه للعمل، وإنما التركيز على بعض الأفراد في كثير من
الأعمال، وهذا فيه قتل للجميع، بل يجب علينا جميعاً أن نتعاون على تجديد العاملين
في جميع الميادين، وأن ندفعهم إلى الأمام مع شيء من الإلحاح إذا وثقنا في القدرات،
ونكون الدليل إليهم حتى يُعرفوا، فيشاركوا ويعملوا.
10-
عدم تحديد الأهداف التربوية التي يراد الوصول إليها والتي من خلالها توضع الوسائل
الموصلة إليها سواء على مستوى العموم أو الأفراد، فمثلاً: الجدية، وقيام الليل،
والعلم أهداف تغرس بواسطة بعض البرامج .
11-
عدم الانضباط في المواعيد والدقة في الوقت التي تؤدي إلى الخلل في كثير من البرامج
وتأخرها وعدم الحزم في ذلك من قِبل المربين .
12-
عدم وضع الإنسان المناسب في المكان المناسب كلٌ حسب طاقته وتخصصه .
13-
التركيز على الدعوة والتربية الجماعية، والتقصير في الدعوة والتربية الفردية .
14-
عدم التقييم لما يُطرح بين كل فينة وأخرى، ومعرفة الأخطاء وأسبابها، ومحاولة
تلافيها، فالسكوت عن الأخطاء يشجع على تكرارها .
15-
عدم الاستفادة من تجارب الماضي والآخرين .
16-
الاستعجال في إدخال بعض الأفراد للعمل .
17-
الأحكام السريعة، والتصرفات غير المنضبطة نتيجةً لردود الأفعال والأحداث .
18-
الاهتمام بالكم لا الكيف أو العكس، وجعله قاعدة مطلقة ليس بصحيح وإنما كل قضية لها
مايناسبها من ذلك وتارة نحتاج إلى إحداهما في البداية والأخرى في النهاية .
19-
عدم العتاب بالأسلوب المناسب لمن استحق ذلك، والتشجيع لمن أحسن .
20-
العمل على انفراد وتحمل الأعباء دون التعاون مع الآخرين عند وجودهم .
21-
العمل في مكان ما لفترة طويلة، ثم تركه والانتقال عنه دون وضع الإنسان المناسب
لمواصلة ما بدأ به .
22-
عدم العناية بالتربية العملية كتوجيه المتربين للانضمام للدروس العلمية، والقيام
بأعمال دعوية كلٌ حسب قدرته وتخصصه .
23-
الشكوك والظنون، وتناقل الشائعات، وفتح باب القيل والقال، وتفضيل بعض الأشخاص على
بعض بدون مبررات، ودخول آفة الإعجاب والتعلق بين أفراد المحاضن التربوية، أو تعلق
المتربين بالمربين، وكل ذلك يؤدي إلى الفرقة والخلاف، وهدم دُور التعليم والتوجيه
والانتكاسة بين الأفراد، وحدوث الضعف والفتور والشقاق بين المربين .
24-
المركزية لدى بعض المربين، وعدم توزيع الأعمال على الآخرين، وإعداد القيادات
البديلة .
25-
عدم مراعاة التناسب بين البرامج بأنواعها مع الوقت والمكان وقدرات المتلقين
والفوارق الفردية بين المتربين من حيث السن والمراحل الدراسية مما يؤدي إلى عدم
استفادة البعض من البرامج المطروحة إما أكبر من مستوى البعض أو أقل .
26-
أسبوعية اللقاءات للشباب أنفسهم مع عدم وجود ما يشغل أوقاتهم تماماً، ويشبع
تطلعاتهم خلال الأسبوع كله في منازلهم، أو كثرة اللقاءات الجماعية فيما بينهم التي
يعتقد المربون أنها أحفظ للأفراد من الضياع والانحراف ولو كانت مبرمجة، وهذا له
سلبيات، والأولى أن يكلف الشباب بما يحفظ أوقاتهم في منازلهم، ولنعود الشباب على
التربية الذاتية، ومساعدتهم على ذلك .
27-
ذكر بعض المربين أخطاء المربين الآخرين أمام المتربين بأسمائهم مما يؤدي إلى عدم
قبول توجيههم ونصحهم سواء كانت أخطاء شخصية، أو اجتهادات دعوية .
28-
التركيز على بعض الأشخاص مع إهمال الأكثرين بحجة اعتذارهم عن المشاركة دون محاولة
التكرار عليهم ومعرفة الأسباب لذلك، فإن قال: لا أقدر .. فقل: حاول .. وإن قال: لا
أعرف .. فقل : تعلم .. وإن قال: مستحيل . فقل: جرب . وبهذا يستطيع الجميع أن
يشارك، ويعمل وتغرس الثقة فيهم .
29-
اهتمام بعض المربين بأشخاص لفترة طويلة وليس عندهم _ أي المتربين _ استعداداً
لتغيير واقع أنفسهم، وإنما يأتي من أجل الأنس واللقاء، أو يعتريه الضعف لحداثة
تمسكه، والأولى عدم الاهتمام به على حساب الآخرين وأعمال المحضن، وعلاجه على نحو
الدرجات التالية:
أ-
الاهتمام به فترة من الزمن فقط .
ب-
معرفة أسباب عدم الاستفادة، ومحاولة العلاج بعد ذلك .
ج-
الاهتمام به من قبل آخرين .
د-
مناصحته ومصارحته .
هـ-
نقله إلى محضن آخر.
30-
ضعف المربي في الجوانب العلمية والإيمانية والتربوية، وإقحام بعض الشباب في ميدان
رعاية محضن تربوي، وليست عنده القدرة على ذلك لضعفه، أو لصغر سنه، أو لعدم تفرغه،
ثم النتيجة فقد الأفراد الثقة في قدرات المربي، والانسحاب من عنده، وضعف
المتربيـن، وكثـرة الأخطاء والمشاكل داخل المحضن، ثم سقوطه وتفرقهم وفتور كثير
منهم كما هو واقع بعض المحاضن .
31-
عدم المرونة في المناقشة وقبول الأعذار، والتخلص من المواقف الحرجة، والعجلة في
إصدار الأحكام دون تأمل ومداولة للآراء وتأجيل البت فيها حتى تحمل قوة وقناعة
وقبولاً من المتربين.
32-
الإكثار من الترفيه بحجة عدم الإثقال، وكسب القلوب، ثم النتيجة:تربية غير جادة .
33-
اعتماد المربين على بعض الأشخاص في الأعمال البدنية كإعداد الرحلات والمشتروات
وغيرها دون أن ينالوا حظهم من الدروس وغيرها مستمعين، أو ملقين، والأولى توزيع
الأعمال البدنية على الجميع حتى يتعودوا تعلمها، وبذل الجهد، وحتى لا تتوقف
الأعمال بسبب غياب فلان، وفي نفس الوقت تربية للنفس على التواضع وخدمة الآخرين .
34-
دخول بعض الشباب في بداية التمسك، وهم أقوياء محاضن يسودها الضعف مما يؤدي إلى
ضعفهم أو رجوعهم .
35-
عدم ارتباط بعض المحاضن بالدعاة وطلاب العلم، والاستفادة منهم علماً وعملاً ودعوة
والرجوع إليهم فيما يشكل عليهم كلٌ حسب تخصصه، وهذه من المسائل التي ينبغي التنبه
لها في فقه الاستشارة، ويخلط فيها كثير من الناس فإذا كان الإنسان لا يعيش واقع
الشباب ومشكلاتهم، فلا يُسأل عن ذلك، وإن سُئل فيعتذر عن الجواب .
36-
التركيز على الجانب العلمي، أو الإيماني، أو التربوي، والأولى التنويع بين تلك
المجالات من خلال الدروس والبرامج بأنواعها حتى تتكامل وتتوازن شخصية المتربي .
37-
عدم الاهتمام بالأذكياء وأصحاب القدرات، وإهمالهم، ثم النتيجة ضياع تلك القدرات،
وإنما الاهتمام عند البعض بأصحاب الطرافة والمظاهر والمصالح الشخصية، أو على الأقل
أشخاص عاديون .
38-
حرص المربي على ألا يتلقى المتربي التربية والتوجيه إلا منه فقط، والحساسية
الزائدة والتضجر إذا تلقى من غيره، أو رُئيَ مع غيره إلا إذا رئي مع أشخاص في
منهجهم خلل غير قابل للاجتهاد، أو ضعيف، أو مخالف للكتاب والسنة، فينبهون بالطرق
المناسبة المقنعة بدون أن تحدث ردود أفعال .
39-
اعتبار بعض الشباب هذه المحاضن أنها للنزهة والترويح عن النفس في الدرجة الأولى،
وأنها ليست للتربية والتعليم والتعاون على الخير .
40-
ذهاب بعض الشباب إلى أصحاب الخبرات القليلة، والذين ليس عندهم تمكن في علاج
المشاكل التربوية لحل مشاكلهم؛ لأنهم مكثوا سنيناً في المحاضن التربوية وهذا لا
يعني تمكنهم في ذلك وفي المقابل إبداء الطرف الآخر الرأي والحل وتكون النتائج غير
مرضية .
41-
تسرب أخطاء، أو مشاكل المتربين بين أفراد المحضن من قبل المربي سواء خطأً أو عمداً
مما يؤدي إلى انتكاسة المتربي وتركه، والأولى الحرص على السرية في مشاكل الأفراد
ومعالجتها، وعدم إدخال الأفراد في حلولها .
42-
كثرة مخالطة المربي مع المتربين فيما لا فائدة فيه مما ينتج عنه قلة الهيبة
والتقدير له وعدم أخذ كلمته بجدية والاطلاع على أخطائه التي لا تُعرف إلا مع كثرة
المخالطة، ثم النتيجة ضعف القدوة .
43-
قلة اللقاءات التربوية بين المربين التي تعالج المشكلات بصورة جماعية مع ظهور
الفردية في حل أي مشكلة، وذلك يضعف الحلول .
44-
ضعف التناصح والمصارحة والوضوح في العمل بين المربين، أو المتربين، أو كلٌ مع
الطرف الآخر وبين الدعاة والعاملين في طريق الدعوة ..فيا أيها الدعاة: لابد من
المصارحة والمناصحة حتى نسير على الطريق، ونحقق المقصود، ولا تتبعثر الجهود
فالغاية واحدة .
45-
عدم اتخاذ أسلوب المناصحة المكثف والمنوع مع من يرى عليه الفتور، أو شيء من
المعاصي من البداية، فالسكوت يؤدي إلى اتساع الضعف، ومن ثم تصعب المعالجة.
46-
تحكيم العواطف، والتعلق بآراء الأشخاص والذوات لا الكتاب والسنة في تربية النفوس
ومواجهة الفتن والأحداث والتسليم بقبول آراء الأشخاص لذواتهم بغض النظر عن تأمل
القول مع وجود القدرة على ذلك، وإذا خالف أحد قول داعية، أو عالم مع تمسكه بأدب
الخلاف؛ وجهت له التهم بالجهل والحسد، وعدم احترام أهل العلم وهجر .
47-
عدم مراعاة أوقات الدروس العلمية في المساجد مع أوقات البرامج الخاصة بالمحضن
التربوي .
48-
تقديم بعض المربين والدعاة بعض الشباب المبتدئين في بعض المهمات، وتفضيلهم على
غيرهم، ورفعهم فوق منزلتهم، وهذا فيه زج بهم إلى مزالق خطيرة منها الغرور بالنفس،
والتحدث بما لا ينبغي التحدث به، وربما أوقع المربي بما لا تحمد عقباه، وربما يلام
المربي على بعض الأخطاء التي تصدر من هذا المتربي لقربه منه وملازمته له .
49-
الحكم على الشخص ووضعه في القائمة السوداء من خلال بعض الأخطاء، والتشهير به في كل
مجلس، وربما هجر ولم يُدع للمشاركة في البرامج الدعوية، نُسيت الفضائل وبقيت
الرذائل، نسي: [ كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ
الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ]رواه الترمذي وابن ماجة وأحمد .
من ذا الذي ماساء قط ولم تكن له الحسنى فقط
والمعاصي
تتفاوت وهناك فرق بين المجاهر من عدمه، والخطأ في حق الله وحق الأشخاص قال ابن
المسيب رحمه الله :'ومن الناس من ينبغي ألا يذكر عيبه ويوهب نقصه لفضله'. وأقل
الأحوال: مسلم لا تجوز غيبته، ولاندع لأنفسنا باب التأول في ذكر معايبه كما يفعل
البعض .
50-
تفلت المحضن وأفراده وتوقف البرنامج عند غياب المربي عن البرنامج اليومي، أو لفترة
من الزمن، والأولى إيجاد البديل المناسب المؤقت من نفس المحضن، أوغيره لإتمام
مابدئ به،لأن الغياب يؤدي إلى سلبيات كثيرة .
51-
انشغال المربي أو بعض الأفراد بإنسان انحرف بعد الاستقامة وهذا الانشغال يكون على حساب
الآخرين مع أن غيره أحوج إلى بذل الجهد؛ فالمقبل أولى من المدبر.
52-
دخول المحضن التربوي غير الملتزمين، أو أناس يريدون الالتزام لكن مازالت رواسب
الماضي قوية التعلق بهم، فالأولى عدم إدخال الصنف الأول، والاهتمام بالصنف الثاني،
والارتباط بهم خارج المحضن، وتهيئتهم للدخول فيه حتى لايؤثروا في أفراد المحضن
سلباً .
53-
عدم التجديد في الأفراد بين كل فترة وأخرى، واستقطاب الشباب للمحضن مع مراعاة
الاختيار الأمثل، فالتجديد يورث النشاط والحيوية، والعكس يؤدي إلى الضعف والتفكك
والملل .
54-
عدم المصارحة بكل ماله صلة بالموضوع ويؤثر فيه عند الاستشارة في أمر من الأمور، أو
إخفاء بعض العيوب والأخطاء التي كانت بسببه _ أي المستشير _ أو يستشير وليس عنده
القناعة بما يستشير فيه، أو يشار عليه به، ثم النتيجة يبرر لنفسه ولأخطائه في خاصة
نفسه، أولمن حوله إذا لامه أنه استشار فلان ونسي أن الاستشارة بنيت على غير حقائق،
فليتنبه الجميع، وعلى المستشار عدم الاستعجال في إبداء الرأي في ما يخص المحاضن
وغيرها، والتحري في الأمور .
55-
التحدث مع المبتدئين أو حين وجودهم عن بعض المشكلات والخلافات قبل نضجهم العلمي
والفكري، فيحدث لهم ردة فعل تكون سبباً في رجوعهم وبعدهم عن التمسك، وإن كان ولابد
فإعطاؤهم قواعداً في فقه الخلاف وموقف السلف منه حتى لا يحدث عندهم اضطراب، أو
يأتي من يلبس عليهم الحق بالباطل .
56-
ضعف الصلة بين أفراد المحضن أو المربي مع من يترك المحضن لسفر بسبب التعلم، أو
الوظيفة، أوغيرها، وعدم الاتصال بهم هاتفيا، أو زيارة، أو مراسلة، أو ربطهم
بالدعاة والأخيار في البلد الذي انتقلوا إليه، وهذا أمر مشاهد وملموس ولذا نرى
الفتور، وتقديم التنازلات بسبب الغربة والوظيفة، وعدم وجود الرفقة الصالحة،
والاضطرار إلى العيش مع الرفقة السيئة، أو على الأقل لوحـده والفراغ مفسـدة.
57-
عدم المرجعية عند كثير من الشباب والمربين عند النزاع فلا يرجع عند الخلاف إلى
العلماء، وهذا يجرنا إلى ويلات لانهاية لها كما هو مشاهـد وملموس، والخلاف أمر
لابد منه لكن لايصل إلى حد الاتهام بالباطل، والوقيعة في الأعراض، والحزازيات في
الصدور، والتوقف عن العلم والدعوة، بل تؤدى الفرائض والنفوس منشغلة ومشتعلة، تضيع
الجهود وتبعثر، تهدر الأوقات وتخسر الأموال والقدرات والكتب والأوراق، وكثير من
الصالحين والمفكرين والأخيار، ومن نحبهم في الله.
ومن
المستفيد؟ إنه الشيطان وحزب الشيطان، قال صلى الله عليه وسلم: [إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يَعْبُدَهُ الْمُصَلُّونَ
فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَلَكِنْ فِي التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ] رواه مسلم.
58-
التكلفة الباهضة لإعداد المشاريع الدعوية من حيث البناء ومستلزماته مما يؤدي إلى
التأخر في البدء بالمشروع لعدم وجود المال الكافي، أو لكبره، وكذلك يؤدي إلى بذل
الأموال الطائلة التي يمكن الاستفادة منها في أكثر من مشروع، كذلك يـؤدي إلى نزع
ثقة التجار في القائمين عليها بسبب الإسراف والاعتذار عن المساهمة.
59-
الحماس غير المنضبط المؤدي إلى الخطأ والاستعجال، وتراكم الأعمال وكثرتها، وعدم
التناسب مع القدرات، والإثقال على النفس والآخرين، ثم الملل والاعتذار والانقطاع .
60-
الاهتمام بالتجديد كوسيلة حتى يضعف المضمون، وتفقد الغاية وهذه قضية ينبغي التنبه
لها، لأننا نلحظ هذا الجانب بدأ يظهر في أوساط الذين يهتمون بجانب التجديد، حيث
يغلبونه على القضية الأساسية وهي الدعوة إلى الله وهداية الخلق، وإفادة الناس.
والتجديد لاشك أنه مطلب في ميدان الدعوة، وأقترح على كل فرد و محضن ومؤسسسة دعوية
أن تجند أصحاب التخصص لكي يفكروا ويبتكروا فيما يجيدون فيه كل حسب تخصصه.
أخي
الداعية والمدعو والمربي والمتربي:
عذراً
على هذه الكلمات فليست نظرة نظرة يائس، أو تتبع للأخطاء، والتفنن في عرض السقطات،
أوطلب للمثالية الزائدة، أو متناس أن كل بني آدم خطاء، وكل عمل لا يخلو من خطأ و
صواب، وأن الكمال لله، والناقد بصير .. كلا بل هو واقع نلمسه وحياة نعيشها .
إن
ذكر الأخطاء ولَّد عندنا ردود الأفعال، فلم يفرق البعض بين ذكر الأخطاء وطريقة عرض
الأخطاء، وتفسير النيات، والبعض يقول: إن ذكر الأخطاء يزيد الغم غمين، ويكفينا
تربص الأعداء فالحال غير مناسب .
فيقال:
إن ذكر الأخطاء أمر جآءت به الشريعة، والقرآن والسنة مليئان بذلك، بل إن المتأمل
لدعوة الرسول صلى الله عليه وسلم في بدايتها وما واجهته من أحداث ومعارضات، وما
كان ينزل من القرآن نحو قوله تعالى:{عَبَسَ
وَتَوَلَّى[1]...}[سورة عبس] . قصة ابن مكتوم رضي الله عنه. وقوله { وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ
إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا[74]}[سورة الإسراء] . وغيرها لدليل على أن ذكر
الأخطاء، وتصحيح المسار أثناء المسير مطلب لاغبار عليه، والسكوت عن الأخطاء يشجع
على تكرارها، وترك الداء بلا دواء يؤدي إلى قتل الجسد لكن نحتاج إلى مراعاة ما يلي
:
أ-
أن نفرق بين الخطأ والظاهرة من حيث ماهيتهما قلة وكثرة .
ب-
أن نفرق في وسيلة العرض عند الحديث عنهما، فهناك محاضرة وخطبة وشريط وكتاب ومقال
ورسالة واتصال هاتفي ولقاء وغيرها وكل منها له ما يناسبه .
ج-
أن نفرق بينهما من حيث الفئة المرتبطة بكل منهما من الناس، فتارة الارتباط بشخص،
وتارة بشريحة من المجتمع، وتارة بالمجتمع .
د-
عدم ذكر التفاصيل ودقائق الأمور التي لا تكون إلا في حالات يسيرة ونادرة وقضايا
عينية .
هـ-
إذا كان التلميح يغني عن التصريح كان أولى .
و-
الموازنة في عرض السلبيات والإيجابيات بل إن ذكر الجميع من العدل والإنصاف، وحديثي
عن أخطاء فئة من المجتمع ليس أشخاص بأعينهم، فأخطاء الأشخاص موضوع مستقل .
ز-
إشعار الناس بأن الخير موجود في الأمة كما أن الشر موجود، وعدم إغفال ذكر الخير
وصوره في الناس إذا ذكرت الصور المأساوية؛ لبعث الأمل في الأمة، وليعلم الميْت أن
في الأمة أحياء، فيحيا بذكرهم.
ح-
عدم ذكر ما كان مخفياً ومستوراً وضئيلاً كبعض المنكرات التي لا يعرفها إلا القليل
.
ط-
عدم ذكر القصص التي تأخذ حكم النادر، وفيها من البشاعة والقذارة مالا يمكن وصفه
وتردادها على مسامع الناس حتى لا يكون المتحدث عرضة للتكذيب والاتهام بالمبالغة،
وحتى لا يعتادها الجميع وتصبح أمراً عادياً، وإن كان ولابد فذكرها مختصرة دون
الإكثار وذكر التفاصيل، فإنهـا تقسي القلب، وكثرة المساس تقلل الإحساس، وتبعث
الإحباط في النفس، والقرآن والسنة مليئان بالقصص التي تقرع القلوب، وليس فيها كثرة
تفصيل للأحداث .
ط-
مراعاة المكان والمستمعين عند الحديث عن خطأ أو ظاهرة، وهل هم بحاجته، وهل كثير
منهم يدركونه ويلمسونه ؟
إشكال:
يرد ويتكرر عندما يتكلم عن مشكلة، فتجد البعض يقول: لماذا الحديث عن هذا الموضوع،
فلا ألمسه وكذا مثلي سيقرؤه ويسمعه وهو لا يدركه؟
فيقال:
ليس من المعقول أن يسكت عن ظاهرة من أجل أن واحداً أو اثنين أو عشرات لا يدركونها،
وفي المقابل مئات يعيشونها ويرونها، ومئات ضحايا بسببها، بل لا يمكن أن يسكت حتى
يؤتى على الأخضر واليابس .
فالمستمع
إما : صاحب المشكلة، أو قريب منها يحوم حولها
بقصد أو بدونه، أو داعية، أو مسئول، أو متعلم ينبغي عليه معرفة الواقع، أو مرب
يحتاج إلى معرفة ذلك أسباباً ومظاهراً وعلاجاً، أو بعيد عن كل ذلك فالعلم به علم،
والوقاية خير من العلاج، والشريعة جاءت مقررة لهذه القاعدة .
فإن
لم يكن ذلك كله فدعه لمن يهمه ذلك، والموضوع قابل للاجتهاد .
من:' دعوة للمصارحة:أسباب ضعف العمل الدعوي'
للشيخ/فهد بن يحيى العماري
Tidak ada komentar:
Posting Komentar
Please Uktub Your Ro'yi Here...