Senin, 30 September 2013

Problematika Wadiah dan Wakalah

وزارة التعليم العالي
جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
المعهد العالي للقضاء
قسم الفقه المقارن
الاختلاف بين المتعاقدين في الوديعة والوكالة

بحث تكميلي لنيل درجة الماجستير

إعداد الطالب :
عادل بن محمد بن عبدالعزيز بن عتيق

إشـــــراف :
محمد بن يحيى النجيمي
الأستاذ المشارك بقسم الفقه المقارن



العام الجامعي
1422 – 1423 هـ












المقدمة :

الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا،  من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً ،
أما بعد :
فإن مما امتن به الله على العالمين إكمال هذا الدين فقال تعالى )الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً( ([1]) فدين الإسلام دين بما اتصف به من عموم وشمولية صالح لكل زمان ومكان ، شامل لجميع نواحي الحياة ، صغيرها وكبيرها ، عظيمها وحقيرها ، وفيه إرشاد للعباد إلى مصالحهم في أمور معاشهم ومعادهم .
ومن ذلك أمر العقود ، وهي مما تعم به البلوى ، ولا يستغني عنها أحد كائناً من كان .
وقد أشار عليَّ فضيلة الدكتور / محمد النجيمي – حفظه الله – بالبحث في بعض أحكامها وموضوعاتها ، فكان أن وقع الاختيار على موضوع :  الاختلاف بين المتعاقدين في الوديعة والوكالة .
ولهذا الموضوع أهمية تتمثل في أمور ، منها :
1 - إبراز هذه الأحكام لكثرة وقوعها ، لاسيما في هذا الزمان الذي قلت فيه الأمانة .
2 - إن مثل هذه الأحكام تقع في المحاكم فيحتاج القضاء إلى الوصول بيسر وسهولة إلى مباحثها .
3 - إن فيه بياناً لأحكام التداعي والاختلاف التي تحدث بين طرفي عقدي الوديعة والوكالة.
ومن أسباب اختيار هذا الموضوع ، ما يلي :
1 - أهمية عقدي الوديعة والوكالة، وكثرة الجهل بأحكامهما مما يكون منشئاً للنزاع والخصام .
2 - حاجة هذا الموضوع إلى جمع أحكامه وبحثه من جهة أخرى لم يتطرق لها الفقهاء ببحث مستقل مع كثرة الحاجة له.
3 - جمع ما يتعلق بهذا الموضوع في بحث مستقل بحيث يسهل على طالب العلم والباحث الوصول إليه .
4 – المساهمة في إثراء المكتبة الفقهية بمبحث يكمل جانب النقصل إن وجد في مثل هذه الموضوعات .
الدراسات السابقة :
جل من بحث في عقدي الوديعة والوكالة بحثهما على أنهما عقدان لهما أركان وشروط ، دون تطرق إلى نقاط الخلاف بين طرفي هذين  العقدين ، وهذا الجانب هو الذي يتركز عليه البحث .
ومن الدراسات السابقة ما يلي:
1 - أحكام تصرفـات الوكيل في عقود المعاوضات المالية/ للباحث: سلطان بن إبراهيم الهاشمي.
وهي رسالةمقدمة لنيل درجة الماجستير في كلية الشريعة لعام 1419.
2 - أحكام الوكالة في الفقه الاسلا مي / للباحث: عبده صالح بن حجوري .
وهو بحث تكميلي مقدم لنيل درجة الماجستير في المعهد العالي للقضاء لعام 1406.
3 - الاختلاف بين الموكل والوكيل في عقد البيع ، وتطبيقاته في محاكم مدينة الرياض/ للباحث: ماجد بن ناصر السحيباني.
وهو بحث تكميلي مقدم لنيل درجة الماجستير في المعهد العالي للقضاء لعام 1418.
4 - اختلاف المتعاقدين وأثره في العقود المالية/ للباحث: أحمد بن عبدالرحمن الخضير.
وهي رسالة مقدمة  لنيل درجة الدكتوراه في المعهد العالي للقضاء لعام 1407.
5 - إنكارالحقوق المالية وما يتعلق به من أحكام في الفقه الاسلا مي/ للباحث: ناصربن محمد العمري.
وهو بحث تكميلي مقدم لنيل درجة الماجستير في المعهد العالي للقضاء لعام  1415.
6 - تصرفات الأمين في العقود المالية/ للباحث: عبدالعزيز بن محمد الحجيلان.
وهي رسالة مقدمة  لنيل درجة الدكتوراه في كلية الشريعة لعام 1412.
7 - التناقض في الدعوى/ للباحث: علي الضياني.
وهو بحث تكميلي مقدم لنيل درجة الماجستير في المعهد العالي للقضاء لعام  1415.
8 - الوديعة في الشريعة الاسلامية /للباحث: عبد الرحمن بن عبدالله التويجري .
وهو بحث تكميلي مقدم لنيل درجة الماجستير في المعهد العالي للقضاء لعام 1401.
9 - الوديعة وأحكامها في الفقه الاسلا مي /للباحث: محمد بن سعد الخرجي.
وهو بحث تكميلي مقدم لنيل درجة الماجستير في المعهد العالي للقضاء لعام 1404.
10- الوكالة في الفقه الاسلا مي / للباحث: محمد بن علي السبيهين.
وهو رسالة مقدمة لنيل درجة الماجستير في المعهد العالي للقضاء لعام 1393.
11- الوكالة في الفقه الاسلا مي / للباحث: طالب قائد مقبل.
وهو رسالة مقدمة لنيل درجة الماجستير في المعهد العالي للقضاء لعام 1400.
وهذه البحوث تتفق مع هذا البحث في بعض المباحث لكنها قليلة ومتفرقة في هذه البحوث , وامتاز هذا البحث بكثير من المسائل التي لم تبحث في البحوث السابقة .
معتمداً في بحثي على منهج معين وهو يتبين بما يلي :
1 - أتصور المسألة المراد بحثها تصوراً دقيقاً قبل بيان حكمها ؛ ليتضح المقصود من دراستها.
2 - إذا كانت المسألة من مواضع الاتفاق فأذكر حكمها بدليلها مع توثيق الاتفاق من مظانه المعتبرة .
3 - إذا كانت المسألة من مسائل الخلاف فأتبع ما يلي :
أ    - أحرر محل الخلاف إذا كانت بعض صور المسألة محل خلاف ، وبعضها محل اتفاق .
ب  - أذكر الأقوال في المسألة وأبين من قال بها من أهل العلم ، ويكون عرض الخلاف حسب الاتجاهات الفقهية .
ج   - اقتصر على المذاهب الفقهية المعتبرة ، مع العناية بذكر ما تيسر الوقوف عليه من أقوال السلف الصالح ، وإذا لم أقف على المسألة في مذهب ما فأسلك بها مسلك التخريج .
د    - أوثق الأقوال من كتب أهل المذهب نفسه .
هـ - استقصي أدلة الأقوال مع بيان وجه الدلالة وأذكر ما يرد عليها من مناقشات وما يجاب به عنها إن كانت .
و    - أرجح مع بيان سبب الترجيح وأذكر ثمرة الخلاف إن وجدت.
4 - اعتمد على أمهات المصادر والمراجع الأصلية في التحرير والتوثيق والتخريج والجمع .
5 - أركز على موضوع البحث وأتجنب الاستطراد .
6 - أعتني بضرب الأمثلة خاصة الواقعية .
7 - أتجنب ذكر الأقوال الشاذة .
8 - أعتني بدراسة ما جدّ من القضايا مما له صلة واضحة بالبحث .
9 - أرقم الآيات وأبين سورها .
10- أخرج الأحاديث وأبين ما ذكره أهل الشأن في درجاتها – إن لم تكن في الصحيحين أو أحدهما – فإن كانت كذلك فأكتفي حينئذ بتخريجها.
11- أخرج الآثار من مصادرها الأصلية وأحكم عليها .
12- أعرف بالمصطلحات وأشرح الغريب .
13- أعتني بقواعد اللغة العربية والإملاء ، وعلامات الترقيم .
14- تكون الخاتمة عبارة عن ملخص للرسالة يعطي فكرة واضحة عما تضمنته الرسالة مع إبراز أهم النتائج .
15- أترجم للأعلام غير المشهورين .
16- أتبع الرسالة بالفهارس الفنية المتعارف عليها وهي :
1 - فهرس الآيات القرآنية .
2 - فهرس الأحاديث والآثار .
3 - فهرس الأعلام.
4 - فهرس المصادروالمراجع.
5 - فهرس الموضوعات .
مفردات البحث وتتضمن ما يلي:
المقدمة، والتمهيد، وثلاثة فصول وخاتمة.
المقدمة : وتشتمل على التالي : أهمية الموضوع ، أسباب الاختيار ، والدراسات السابقة ، ومنهج البحث .
التمهيد : في شرح مفردات العنوان،  وفيه ستة مباحث :
المبحث الأول : تعريف الاختلاف لغة واصطلاحاً.
المبحث الثاني :  حقيقة العقد، وفيه مطلبان:
المطلب الأول : تعريف العقد لغة واصطلاحاً .
المطلب الثاني : أقسام العقد .
المبحث الثالث : تعريف الوديعة لغة واصطلاحاً .
المبحث الرا بع: تعـريف الوكالة لغةً واصطلاحاً.
الفصل الأول : الاختلاف بين المتعا قدين  في عقد الوديعة . ويشتمل على ثلاثة مباحث :
المبحث الأول:  الاختلاف بين المتعاقدين في عقد الوديعة نفسه .
المبحث الثاني :  الاختلاف بين المتعاقدين في وجود الوديعة  .
المبحث الثالث : الاختلاف بين المتعاقدين  في حقيقة عقد الوديعة.
ويشتمل على  ثلاثة مطالب :
المطلب الأول: إذا ادعى المودع  الإيداع وادعى المالك الغصب .
المطلب الثاني: إذا ادعى المودع  الإيداع وادعى المالك القرض .
المطلب الثالث: إذا ادعى المودع  الصدقة وادعى المالك الإيداع .
الفصل الثاني : الاختلاف بين المتعاقدين في العين المودعة . ويشتمل على خمسة مباحث :
المبحث الأول : الاختلاف بين المتعاقدين في تلف العين المودعة .
المبحث الثاني :  الاختلاف بين المتعاقدين في رد العين المودعة .
المبحث الثالث : حكم ا دعاء المودع نقل الوديعة أو السفر بها لضرورة.
المبحث الرابع : الاختلاف بين المتعاقدين في تعيين العين المودعة .
المبحث الخامس: الاختلاف بين المتعاقدين في مقدار العين المودعة وقيمتها .
الفصل الثالث: الاختلاف بين المتعاقدين في عقدالوكالة.
ويشتمل على ستة مباحث:
المبحث الاول: الاختلاف بين الموكل و الوكيل في أصل عقد الوكالة.
المبحث الثاني : الاختلاف بين المتعاقدين في عزل الوكيل.
المبحث الثالث: الاختلاف بين المتعاقدين في تصرف الوكيل. وفيه ثلاثة  مطالب:
المطلب الاول : الاختلاف بين المتعاقدين في توكيل الوكيل غيره فيما وكل فيه.
المطلب الثاني: الاختلاف بين المتعاقدين فيما إذا ما خالف الوكيل  ماحدده له الموكل من الحلول والاجل.
المطلب الثالث : الاختلاف بين المتعاقدين في القبض.
المبحث الرابع: الاختلاف بين المتعاقدين في دعوى التلف.
المبحث الخامس: الاختلاف بين المتعاقدين في دعوى الرد .
المبحث السادس: الاختلاف بين المتعاقدين في قدر الثمن.
الخاتمة .
الفهارس .

فهرس الموضوعات

الموضوع
الصفحة
المقدمة
1
أهمية الموضوع
2
أسباب اختيار الموضوع
2
الدراسات السابقة
2
منهج البحث
5
مفردات البحث
7
التمهيد
10 - 31
المبحث الأول : تعريف الاختلاف لغة واصطلاحاً .
11
المبحث الثاني : حقيقة العقد .
13
المطلب الأول : تعريف العقد لغة واصطلاحاً .
14
المطلب الثاني : أقسام العقد .
16
المبحث الثالث : تعريف الوديعة لغة واصطلاحاً .
25
المبحث الرابع : تعريف الوكالة لغة واصطلاحاً .
28
الفصل الأول : الاختلاف بين المتعاقدين في عقد الوديعة .
32 - 46
المبحث الأول : الاختلاف بين المتعاقدين في عقد الوديعة نفسه .
33
المبحث الثاني : الاختلاف بين المتعاقدين في وجود الوديعة .
37
المبحث الثالث : الاختلاف بين المتعاقدين في حقيقة عقد الوديعة .
31
المطلب الأول : إذا ادعى المودع الإيداع وادعى المالك الغصب .
41
المطلب الثاني : إذا ادعى المودع الإيداع وادعى المالك القرض .
44
المطلب الثالث : إذا ادعى المودع الصدقة وادعى المالك الإيداع .
46
الفصل الثاني : الاختلاف بين المتعاقدين في العين المودعة .
47 – 83
المبحث الأول : الاختلاف بين المتعاقدين في تلف العين المودعة .
48
المبحث الثاني : الاختلاف بين المتعاقدين في رد العين المودعة .
54
المبحث الثالث : حكم ادعاء المودَع نقل الوديعة أو السفر بها لضرورة .

60
المطلب الأول : في نقل الوديعة إلى غيره لعذر السفر .
61
المطلب الثاني : ملكية المودَع للسفر بالوديعة .
66
المبحث الرابع : الاختلاف بين المتعاقدين في تعيين العين المودعة .
74
المطلب الأول : إذا خلط المودَع الوديعة بغيرها بحيث لا تتميز أو يتعسر التمييز .

75
المطلب الثاني : إذا خلط المودَع الوديعة بما يتميز .
77
المطلب الثالث : إذا اختلطت الوديعة بنفسها دون تعد من المودَع.
79
المطلب الرابع : إذا خلط الوديعة أجنبي .
880
المبحث الخامس : الاختلاف بين المتعاقدين في مقدار العين المودعة وقيمتها .

81
المطلب الأول : الاختلاف بين المتعاقدين في مقدار العين المودعة .
82
المطلب الثاني : الاختلاف بين المتعاقدين في قيمة العين المودعة .
87
الفصل الثالث : الاختلاف بين المتعاقدين في عقد الوكالة .
88 - 132
المبحث الأول : الاختلاف بين الموكل والوكيل في أصل عقد الوكالة .

89
المبحث الثاني : الاختلاف بين المتعاقدين في عزل الوكيل .
93
المطلب الأول : إذا عزل الموكِل الوكيل مع علم الوكيل بالعزل .
94
المطلب الثاني : إذا عزل الموكِل الوكيل مع عدم علم الوكيل بالعزل .

95
المبحث الثالث : الاختلاف بين المتعاقدين في تصرف الوكيل .
100
المطلب الأول : الاختلاف بين المتعاقدين في توكيل الوكيل غيره فيما وُكل فيه .

101
المطلب الثاني : الاختلاف بين المتعاقدين فيما إذا خالف الوكيل ما حدده له الموكِل من الحلول والأجل .

107
المسألة الأولى : بيع الوكيل نقداً لما وكل في بيعه نسيئة .
107
المسألة الثانية : بيع الوكيل نسيئة لما وكل في بيعه نقداً .
109
المسألة الثالثة : شراء الوكيل نقداً لما وكل في شرائه نسيئة .
110
المسألة الرابعة : شراء الوكيل نسيئة لما وكل في شرائه نقداً .
112
المطلب الثالث : الاختلاف بين المتعاقدين في القبض .
115
المبحث الرابع : الاختلاف بين المتعاقدين في دعوى التلف .
120
المبحث الخامس : الاختلاف بين المتعاقدين في دعوى الرد .
124
المبحث السادس : الاختلاف بين المتعاقدين في قدر الثمن .
129
الخاتمة .
133
الفهارس .
138
فهرس الآيات .
139
فهرس الأحاديث والآثار .
140
فهرس الأعلام .
141
فهرس المصادر والمراجع .
142
فهرس الموضوعات .
153




([1])   الآية رقم (3) من سورة المائدة .         

Rabu, 25 September 2013

Makanlah yang Halal dan Tinggalkan yang Haram


كلُـوا ما حَـلَّ وَدَعُـوا مَا حَـرَّم

الحمدُ للهِ ثم الحمدُ لله، الحمدُ للهِ وسلامٌ على عبادِهِ الذينَ اصطفَى الحمدُ للهِ الواحدِ الأحدِ، الفردِ الصمدِ، الذي لم يلِدْ ولم يُولدْ ولم يكُنْ لهُ كُفُوًا أحد. الحمدُ للّهِ ربِ العالمينَ والصلاةُ والسلامُ على سيِّدِنا محمدٍ الأمينِ وعلى ءالِهِ وصحبِهِ الطَّيِّبينَ الطاهرين، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ الملكُ الحقُّ المبينُ وأشهدُ أنّ محمدًا رسولُ اللهِ الصادقُ الوعدِ الأمينُ صلواتُ ربي وسلامُه عليهِ وعلى ءالِه وصحبِه الطَّـيِّبِينَ الطاهرين.

أَمّا بَعْدُ أيُّهَا الأحِبَّةُ المُؤمِنُون، أُوصِي نَفْسِي وإيّاكُمْ بِتَقْوَى اللهِ العَظِيمِ. يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالى في القُرءانِ الكَرِيمِ: ﴿كُلُوا مِنْ طَـيِّبَاتِ ما رَزَقْنَاكُمْ ولا تَطْـغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ علَيْكُمْ غَضَبِي ومن يَحْلِلْ عليهِ غَضَبِي فقد هَوَى﴾ سورة طه / ءاية 81. وَيَقُولُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: "إنّ رُوحَ القُدُسِ نَفَثَ في رُوْعِي انَّهُ لَنْ تَمُوتَ نَفْسٌ حَتّى تَسْتَكْمِلَ رِزْقَهَا وأَجَلَهَا فَأَجْمِلُوا في الطَّلَبِ كُلُوا ما حَلَّ ودَعُوا ما حَرَّمَ"، الصَّلاةُ والسلامُ عليكَ يا صاحِبَ الآدابِ المحمَّدِيَّةِ، الصَّلاةُ والسلامُ عليكَ يا صَاحِبَ التَّعالِيمِ النَّبَوَيَّـةِ والإشرَاقاتِ الأَحْمَدِيَّةِ يا سَيِّـدِي يا أبا القاسمِ يَا رسولَ اللهِ، الصلاةُ والسلامُ عليكَ يا صاحِبَ الأَدبِ الرَّفيعِ يا مَنْ قُلتَ: "أَدَّبَنِي رَبِّي فَأَحْسَنَ تَأْدِيبِي" وَإِذْ بِكَ تُعَلِّمُ الأُمَّةَ الآدابَ كُلَّهَا، كيفَ لا واللهُ تعالَى ما خَلقَ مِثْلَكَ جَمَالاً وَحُسْناً وَخُلُقًا وَخَلْقًا وهو يَمْدَحُكَ في أفضلِ كُتُبِه إِذْ يَقولُ: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَّى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾.

معشرَ الإخوَةِ المؤمنينَ، ها هو نَبِيُّ الرَّحمةِ يُعَلِّمُـنَا وَيَمْضِي بِنَا فِي طَريقِ المحبةِ مُرْشِداً إيَّانَا إلَى حُسنِ بِناءِ المجتمَعِ الْمُتَماسِكِ كالبُنيانِ الْمَرْصُوصِ، وَالْمُتَعاضِدِ كالجَسَدِ الواحِدِ، إذا اشْتَكَى منهُ عُضْـوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِـرُ الجسَـدِ بِالسَّهَـرِ وَالحُمَّى، وَاسمعوا معِي قولَ حبيبِ اللهِ محمدٍ صلى اللهُ عليهِ وعلى جميعِ إِخْوانِه النبِيِّـينَ وَالْمُرسَلِينَ وءالِ كُلٍّ وَصَحْبِ كُلٍّ وسلَّمَ، قَالَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: "مَا ءامَنَ بي مَنْ بَاتَ شَبْعانَ وَجَارُهُ جَائِعٌ إلى جَنْبِهِ وَهُوَ يَعْلَمُ بِهِ" أيْ لا يكونُ إيمانُهُ كامِلاً ذلكَ المسلمُ الذِي يبيتُ شبعانَ وجارُه المؤمِنُ مِنْ أَهْلِ الضَّروراتِ وَهُوَ عالِمٌ بِحالِهِ ولا يُعِينُه مَعَ قُدْرَتِهِ على ذلكَ، فَلْنَتَفَكَّرْ في هذا الكلامِ مَلِيًّا، لَئِنْ كانَ كُلُّ مُسلِمٍ منَّا يُفَكِّرُ بأخيهِ المسلِمِ المؤمِنِ المُوَحِّدِ وَيُحِبُّ لهُ الخيرَ كمَا أَوْصَى رَسولُ اللهِ فإنَّ هذا يُؤَدِّي بنَا إلى مُجْتَمَعٍ مُتَشَابِكِ الأَيْدِي تَصونُ المحَبَّـةُ تَمَاسُكَـهُ وَتَحْمِي الموَدَّةُ ثَباتَـهُ، ألَيْسَ عَلَّمَنَا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلمَ أَنَّ مَنْ أَقَالَ عَثْرَةَ أخيهِ أقالَ اللهُ عنهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ القيامَةِ، أليسَ قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمِنُ أحدُكم حتى يُحِبَّ لأخيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ" أَيْ لا يكونُ كامِلَ الإيمانِ حتَّى يُحِبَّ لأخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِه، أليسَ قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "ليسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يُوَقِّرْ كَبيرَنا وَيَرْحَمْ صَغِيرَنَا" أي أَنَّ شأنَ المؤمِنِ الكامِلِ أنهُ يَرْحَمُ الصغيرَ وَيُوَقِّرُ الكبيرَ، هذهِ هي التعالِيمُ المحمديَّةُ التي مَا إِنْ تَمَسَّكْنَا بِهَا كُنَّا على مَا يُحِبُّ اللهُ ورسولُه مِنْ حُسْنِ الخُلُقِ وَالتَّراحُمِ وَالمَوَدَّةِ. فَلْنَرْجِعْ كُلُّنَا إلَى حديثِ رسولِ اللهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: "إنّ رُوحَ القُدُسِ نَفَثَ في رُوْعِي انَّهُ لَنْ تَمُوتَ نَفْسٌ حَتّى تَسْتَكْمِلَ رِزْقَهَا وأَجَلَهَا فَأَجْمِلُوا في الطَّلَبِ كُلُوا ما حَلَّ ودَعُوا ما حَرَّمَ" النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلم يقولُ إنَّ جبريلَ نَفَثَ في رُوعِي أي في قَلْبِي أنهُ لَنْ تَمُوتَ نفسٌ حتى تَسْتَكْمِلَ رِزْقَها وأجلَها. وهذا يَدُلُّ علَى أنَّ أعمارَنَا مَحْدُودَةٌ وءاجالَنا مَحْتُومَةٌ، فَمَنْ لَمْ يَمُتْ بِالسَّيفِ مَاتَ بغيرِه، وأنَّ ارزاقَنا معلومَةٌ وَأنَّ غيرَنا لا يَنَالُ شيئًا مِنْ رزقِ غيرِه وَأنَّ أنفاسَنا مَعْدُودَةٌ فَالإِصابَةُ لا تُعجِّلُ في الأَجَلِ وَدَوامُ الصِّحَّةِ وَالعَافِيَةِ وَالشَّبابُ وَالقُوَّةُ لا يُؤخِّرُ الأَجَلَ بَلْ كُلٌّ يَمُوتُ بِانْقِضَاءِ أَجَلِهِ وَكُلٌّ يأكُلُ رِزْقَهُ الذِي كُتِبَ لَهُ "عَلِمْتُ أَنَّ رِزْقِي لا يَأْكُلُهُ غَيْرِي فَاطْمَأَنَّ بالِي" قالَ عزوجل: ﴿وفِي السَّماءِ رِزْقُكُم وما تُوعَدُونَ﴾ وَلا أَحَدَ يَسْتَطِيعُ أنْ يُؤَخِّـرَ عزرائيلَ ولا أنْ يُعَجِّلَه، قالَ تعالَى: ﴿فَإِذَا جَاءَ أجلُهُم لا يَسْـتَأْخِرُونَ ساعةً ولا يَسْتَقْدِمُونَ﴾ سورة الأعراف / ءاية 7. وسيِّدُنا محمدٌ صلى الله عليه وسلم يُرشِدُنَا في جُمْلَةِ ما يُعَلِّمُنَا إيَّاهُ إلَى القَنَاعَةِ إِذْ يَقُولُ: "خُذُوا مَا حَلَّ وَدَعُوا مَا حَرَّمَ" وهَذَا يُوافِقُ قولَ اللهِ تعالَى: ﴿كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ ما رَزَقْنَاكُمْ﴾ سورة طه / ءاية 20. لأنَّ كلَّ جَسَدٍ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ فَالنَّارُ أولَى بِه، والإِنْسانُ بِحاجَةٍ إلَى اللهِ وَقْتَ الضَّـرَّاءِ كَمَا هو بِحاجَةٍ وَقْتَ السَّـرَّاءِ. الإنسانُ بحاجَةٍ إلَى اللهِ وَقْتَ البَأْسَاءِ كمَا هُو بِحاجَـةٍ إلَيْهِ وَقْتَ السَّـرَّاءِ، لا أحدَ يَسْـتَغْنِي عنِ اللهِ طَـرْفَةَ عَـيْنٍ فَإِذَا مَا نَزَلَتْ بِغَيْـرِكَ مُصِيبَةٌ فلا تَكُنْ جَشِعًا وَإِنَّمَا كُنْ حَلِيمًا مِعْطَاءً مُتَصَـدِّقًا واسِعَ القَلْبِ، فقد قالَ عليهِ الصلاةُ والسلامُ: "مَا ءامَنَ بي مَنْ بَاتَ شَبْعانَ وَجَارُهُ جَائِعٌ إلى جَنْبِهِ وَهُوَ يَعْلَمُ بِهِ" فَادْعُوا إخْوانَكم الذينَ تَعرِفُونَ فيهِمُ السَّعَةَ في المالِ إلَى الرَّأَفَةِ بأَهْلِ الفَقْرِ والحاجَةِ والبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ والتصدُّقِ لمصالِحِ المسلمينَ فَإِنَّ البَلاءَ إذَا اشتَدَّ قد يُصِيبُ الصالِحَ والطَّالِحَ ولكنَّ الصالِحَ يُحشَرُ على نِيَّـتِهِ وقد وَرَدَ فِي الأَثَرِ: "إِنَّ الناسَ إِذَا لَقُوا المنكَرَ فَلَمْ يُغَيِّروهُ أوشَكَ أنْ يَعُمَّهُمُ اللهُ بِعِقَابٍ".

فمَنِ ابتُلِيَ منَّا بمصيبةٍ فَلْيَحْمَدِ اللهَ فَإِنَّ المؤمِنَ أمرُهُ كُلُّـهُ لَـهُ خيرٌ، إِنْ أصابَهُ خَيْرٌ فَشَكَرَ كانَ خيرًا له وإِنْ أصابَهُ شَـرٌّ فَصَبَـرَ كانَ خيرًا له.

مَعْشَـرَ الإخْوةِ المؤمنين، إنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ: "ما مَلأَ ابْنُ ءادَمَ وِعَاءً شَراًّ مِنْ بَطْـنِه" فَاحْرِصْ عَلَى أن يكونَ كُلُّ مَا يَدْخُلُ جوفَكَ مِنَ الحلالِ الصَّافِي وَإِياكَ أَنْ تقعَ بِالْمَحْظُورِ فَتَهْلِك، فَإِنَّ جسدَكَ هذا إِنْ نَبَتَ مِنَ الحرَامِ فَأَنْتَ تَسْتَحِقُّ عذابَ جهنَّمَ ومَا لأحَدٍ طاقَةٌ على تَحَمُّـلِها، إنَّها لَظَى نَزاعَةً للشَّوَى، فَكُلْ مَا أَحَلَّ اللهُ، وَدَعْ مَا حَرَّمَ والْتَزِمْ قولَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "فَأَجْمِلُوا في الطَّلَبِ كُلُوا ما حَلَّ ودَعُوا ما حَرَّمَ". وَإِنْ كنتَ يا أخِي المسلِمُ صاحِبَ نِعْمَةٍ، فَتَحَ اللهُ عليكَ بِالرِّزْقِ الحلالِ وَطِيبِ مَعاشِكَ فَاذْكُرْ إخوانَكَ المسلمِينَ أهلَ الضرورةِ فإِنَّ مَنْ بَيْنَهُم مَنْ يَنَامُ جائعًا وَأَنْتَ إِنْ عَلِمْتَ بِأَمْرِه كانَ عليكَ أن تُعِينَه وتُسْعِفَهُ وَتُنْقِذَهُ فَإِنَّ في ذلكَ التِزامًا بِوَصَايَا رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، صاحبِ الخُلُقِ الحسَنِ وَالكَرَم والْجُودِ وَالسَّخَاءِ وَالعَطَاءِ، الذِي قَالَتْ لَهُ زَوْجُه عَائِشَةُ رضيَ اللهُ عنها تُخْبِرُهُ عن شىءٍ مِنَ اللحمِ تُوَزِّعُـهُ صدَقَةً للهِ تعالَى، قالَتْ لَهُ يا رسولَ اللهِ ذَهَبَـتْ كلُّها وَلَمْ يَبْـقَ إِلا الكَتِفُ، فَإِذْ بهِ عليه الصلاةُ والسلامُ يُرْشِـدُها لِتَقُولَ ذَهَبَ الكَتِفُ وبَقِيَتْ كُلُّـهَا. أي أَنَّ ما تَصَدَّقُوا بِه هُوَ الذِي يَبْقَى ويَنْفَعُ يَوْمَ القِيامَةِ وأمَّا ما سَيُؤْكَلُ فَهُوَ ذَاهِبٌ فَانٍ، قالَ اللهُ تعالَى: ﴿وَالبَاقِياتُ الصَّالِحَاتُ خَيْـرٌ عِنْدَ ربِّكَ ثَوَابًا وخَيْـرٌ أملاً﴾ سورة الكهف / ءاية46. فَلْنَلْتَزِمْ كُلُّنَـا الآدَابَ الْمُحَمَّدِيَّةَ فإنَّها طريقُ الوُصولِ إلَى الجنَّةِ وسيرتَهُ صلى الله عليه وسلم دربُ النَّجَاةِ، ولابدَّ قبلَ ذلكَ كُلِّهِ منَ الإيمانِ باللهِ ورسولِه، فإِنَّ رسولَ اللهِ عليه الصلاة والسلام يقولُ: "أَشهَدُ أنْ لا إلهَ إلاَّ اللهُ وأنِّي رسولُ اللهِ لا يَلْقَى اللهَ تعالَى بِهِمَا عبدٌ غير شاكٍّ إِلاَّ دَخَلَ الجنَّةَ" أَشهَدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وأشهَدُ أنَّ محمداً عبدُهُ ورسولُه وصفِيُّهُ وخليلُه، أقولُ قولِيَ هذا وأَستَغْفِرُ اللهَ لِي ولكم.

الخطبة الثانية:

الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ له النعمةُ وله الفضلُ وله الثناءُ الحسنُ والصلاةُ والسلامُ الأتمانِ الأكملانِ على سيدِنا محمدٍ وعلى ءالِه وصحبِه ومن تبعهُ بإحسانٍ عبادَ اللهِ اتَّقوا اللهَ تعالى واعْلَمُوا بأنّ اللهَ أَمَرَكُم بأَمْرٍ عَظيمٍ، أَمَرَكُم بالصّلاةِ على نبيِّهِ الكريمِ فَقَالَ :﴿إنّ اللهَ وملائِكَتَهُ يُصلّونَ على النّبيِ يا أيُّها الذينَ ءامَنُوا صلّوا عَلَيْهِ وَسلِّمُوا تَسْليماً﴾ اللّهُمّ صلّ على محمدٍ وعلى ءالِ محمدٍ كما صلّيْتَ على إبراهيمَ وعلى ءالِ إبراهيمَ إنّكَ حميدُ مجيدُ اللهمَّ بارِكْ على محمدٍ وعلى ءالِ محمدٍ كَمَا بَاركْتَ على إبراهيمَ وعلى ءالِ إبراهيمَ إنّكَ حميدٌ مجيدٌ. اللّهُمّ إنّا دَعَوْناكَ فاستجِبْ لَنَا دُعاءَنا فاغفِرِ اللّهُمّ لنا ذُنُوبَنَا وإسْرَافَنَا في أمْرِنَا وَكَفِّرْ عنّا سيّئاتِنَا وَتَوَفَّنَا بِرَحمتكَ مُؤمنينَ يا ربَّ العالمينَ. اللّهُم اغفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا اللّهُم اغفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا اللّهُم نَقِّنَا من الذُّنوبِ والخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأبيَضُ مِنَ الدّنَسِ يا ربَّ العالمينَ اللّهُمّ عَلِّمْنَا ما جَهِلْنَا وذَكِّرْنَا ما نَسينا واجعَلِ القُرءانَ ربيعَ قُلُوبِنَا ونُوراً لأبْصارِنَا وَجَوَارِحِنَا وَتَوَفَّنَا على هَدْيِهِ وأكْرِمْنَا بِحِفْظِهِ واحْفَظْنَا بِبَرَكَتِهِ وَبَرَكَةِ نَبيِّكَ مُحمدٍ عليهِ الصّلاةُ والسّلامُ واغفِرِ اللّهُمَ للمُؤمنينَ والمؤمناتِ الأحْياءِ مِنهُم والأمواتِ إنّكَ يا حيُّ يا قيومُ سميعٌ قريبٌ مجيبُ الدّعواتِ، عِبادَ اللهِ إنّ اللهَ يأمُرُ بالعدلِ والإحسانِ وإيتاءِ ذي القُربى ويَنْهى عنِ الفَحْشاءِ والمُنكَرِ والبغْيِ يَعِظُكُمْ لعلّكُم تَذَكّرُونَ اذكُرُوا اللهَ العظيمَ يَذْكُرْكُمْ واشكُرُوهُ يَزِدْكُمْ واسْتَغْفِرُوهُ يَغْفِرْ لَكُمْ واتّقُوهُ يَجْعَلْ لَكُمْ مِنْ أمْرِكم مَخْرَجاً. وَأَقِمِ الصّلاةَ